سؤال: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم فقيرا؟
الإجابة :
الحمد لله وبعد،
فانا نعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الفقر ، ودعوته صلى الله عليه وسلم مستجابة ، ومن دعاءه قوله صلى الله عليه وسلم" اللهم اغنني بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك " " اللهم اني اعوذ بك من الكفر والفقر ومن عذاب القبر "
والغنى كما هو عند النبي صلى الله عليه وسلم ليس كما يتصوره الناس اليوم ، ففي الحديث " من اصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكانما حيزت له الدنيا " رواه البخاري في الادب المفرد والترمذي في السنن.
ومرت حياة النبي صلى الله عليه وسلم بمراحل ، فرعى الغنم صلى الله عليه وسلم في شبابه وما من نبي الا وقد رعى الغنم. وتاجر بمال خديجة رضي الله عنها، ثم تزوجها ، وكان يتاجر في الاسواق كما في قوله تعالى:
وَقَالُوا۟ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ یَأۡكُلُ ٱلطَّعَامَ وَیَمۡشِی فِی ٱلۡأَسۡوَاقِ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِ مَلَكࣱ فَیَكُونَ مَعَهُۥ نَذِیرًا ٧ أَوۡ یُلۡقَىٰۤ إِلَیۡهِ كَنزٌ أَوۡ تَكُونُ لَهُۥ جَنَّةࣱ یَأۡكُلُ مِنۡهَاۚ وَقَالَ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلࣰا مَّسۡحُورًا ٨
عن ابن عباس أن قالوا له: فإن لم تفعل لنا هذا- يعني ما سألوه من تسيير جبالهم عنهم، وإحياء آبائهم، والمجيء بالله والملائكة قبيلا وما ذكره الله في سورة بني إسرائيل، فخذ لنفسك، سل ربك يبعث معك ملَكا يصدّقك بما تقول، ويراجعنا عنك، وسله فيجعل لك قصورا وجنانا، وكنوزا من ذهب وفضة، تغنيك عما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعلم فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم.
فتأويل الكلام: وقال المشركون ما لهذا الرسول يعنون محمدا ﷺ، الذي يزعم أن الله بعثه إلينا يأكل الطعام كما نأكل، ويمشي في أسواقنا كما نمشي.
وقوله ردا على شبهة المشركين:
﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ إِلَّاۤ إِنَّهُمۡ لَیَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَیَمۡشُونَ فِی ٱلۡأَسۡوَاقِۗ وَجَعَلۡنَا بَعۡضَكُمۡ لِبَعۡضࣲ فِتۡنَةً أَتَصۡبِرُونَۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِیرࣰا﴾ [الفرقان ٢٠]
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ جَمِيعِ مَنْ بَعَثَهُ مِنَ الرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِينَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ، وَيَحْتَاجُونَ إِلَى التَّغَذِّي بِهِ ﴿وَيَمْشُونَ فِي الأسْوَاقِ﴾ أَيْ: لِلتَّكَسُّبِ وَالتِّجَارَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُنَافٍ لِحَالِهِمْ وَمَنْصِبِهِمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لَهُمْ مِنَ السِّمَاتِ الْحَسَنَةِ، وَالصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ، وَالْأَقْوَالِ الْفَاضِلَةِ، وَالْأَعْمَالِ الْكَامِلَةِ، وَالْخَوَارِقِ الْبَاهِرَةِ، وَالْأَدِلَّةِ [الْقَاهِرَةِ](١) ، مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ كُلُّ ذِي لُبٍّ سَلِيمٍ، وَبَصِيرَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ، عَلَى صِدْقِ مَا جَاءُوا بِهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ [يُوسُفَ: ١٠٩] ﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ﴾ [الْأَنْبِيَاءَ: ٨] .
ومرت على المسلمين محنة المقاطعة من المشركين ، حتى اكلوا أوراق الشجر فيما يروى، ثم فرجها الله تعالى.
ثم بعد الهجرة ، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرغ لشؤون الدعوة والجهاد ، واحل الله له غنائم العدو ، فجعل له خمس الخمس ولذوي قرابته الذي حرمت عليهم الصدقة خمس الخمس... وجعل الله له الفيء فافاء عليه خيبر وفدك فكان يعطي اهله منها قوت عام ثم يجعل الباقي في الخيل والسلاح عدة في سبيل الله.
وكان مع ذلك مقتصدا صلى الله عليه وسلم في العيش ونهى عن الاكل حتى الشبع ، وامر بثلث من طعام وثلث من شراب وثلث من نفس.
واتى عليه ايام يقل عنده وعند اهله فيها الطعام، واعتزل ازواجه امهات المؤمنين رضي الله عنهن شهرا حين اكثرن عليه طلب النفقة.
وكانت تأتيه الصدقات من البلدان فيقصمها بين المسلمين، ويعطي المؤلفة قلوبهم ، ويجعلها في المواضع الثمانية التي جعل الله تعالى فيها الصدقة.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يسأل الناس شيئا، واذا سئل شيئا اعطاه، واذا اعطي هدية قبلها وجزى بها.
وقالت عائشة رضي الله عنها: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبعنا قط من خبز الشعير. ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي.
فهذا يدل على ان الغنى المقصود ، هو انه صلى الله عليه وسلم كان مستغنيا عن مسألة الناس وكان يجد قوته وقوت أهله في الغالب.
والمقصود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غنيا، ولم يكن يسعى الى الثراء الفاحش والاموال الطائلة وتجميع الذهب والفضة ومنافسة اهل الدنيا في دنياهم.
فان التنعم في المأكل والمشرب والملبس والمسكن مخالف لاخلاقه وهديه وزهده صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول " بسم الله الرحمن الرحيم الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لتر ن الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ".
وقد خيره الله تعالى بين ان يكون عبدا رسولا او يكون ملكا رسولا فاختار صلى الله عليه وسلم ان يكون عبدا رسولا.
وما التوفيق الا بالله وصلى الله وبارك على نبينا محمد
Comments