حكم الأمداح في العرس

السؤال:

هل الامداح النبويه حرام ام حلال؟ وهل يجوز الذهاب الى الاعراس التي فيها أمداح؟

الجواب:

الحمد لله وبعد،

يجوز للنساء حضور عرس فيه امداح اذا لم يكن في العرس اختلاط او معازف او كشف للعورة وكان خاليا من سائر المنكرات، واذا كانت القصائد الخاصة بالمديح خالية من المنكرات ومن وصف النبي صلى الله عليه وسلم بما لا يجوز أن يوصف به إلا الله تعالى.

وقلنا يجوز ذلك للاحاديث الاتية عن النبي صلى الله عليه وسلم:

عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ : وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقُولِي هَكَذَا، وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ ". رواه البخاري

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ : مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ : " دَعْهُمَا ". فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا.

وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمَّا قَالَ : " تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ ؟ " فَقُلْتُ : نَعَمْ. فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ - خَدِّي عَلَى خَدِّهِ - وَهُوَ يَقُولُ : " دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ ". حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ : " حَسْبُكِ ؟ " قُلْتُ : نَعَمْ. قَالَ : " فَاذْهَبِي ". رواه البخاري ومسلم.

وأما للرجال فإنا لا نجد شيئا يبيح للرجال صنع ما أبيح من ذلك للنساء، ولكن يباح قراءة القصيدة الشعرية ومدح النبي صلى الله عليه وسلم أو من هو دونه ممن هو أهل للمدح بدون غناء جماعي وبدون ضرب الدف.

لأن رسول الله صلى الله عليه يقول : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منهفهو رد. رواه البخاري ومسلم، وقال : اياكم ومح.ثات الامور فان كل مكدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. رواه ابو داود وجماعة بمثله.

وعلى العموم فإن المسلمين ابتلوا في هذا الزمان بفشو الباطل والضلال ، وينبغي للمسلم ان يعمل بقواعد عامة امر بها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

منها قوله تعالى : اتقوا الله ما استطعتم، وقوله تعالى : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. وقوله : لا يكلف الله نفسا الا وسعها.

ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فانتهوا وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم،  وكان يقول لمن بايعه على السمع والطاعة : فيما استطعت.

فاذا كان المسلمون مستضعفين لم يكن عليهم فرض اقامة الحدود وجبي الزكاة وصلاة الجماعة والجمعة والعيدين وغيرها من الامور التي تجب في دار الإسلام، والمسلم اذا لم يكن له مال لم يجب عليه زكاة ولا حج، واذا لم يجد عملا خالي تماما من المعاصي فانه يكون مضطرا لقبول العمل اللخف شرا من بين الموجود.

وكذلك قال صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك الى ما لا يريبك.

يريبك: أي الأمور المشبهة الغير مستيقن حلها ولا حرمتها.

وقال : إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ. رواه البخاري ومسلم

ويجوز ان يكون المراد ايضا بالحديث: دع ما يريبك، اي ما قذف الشك في القلب وحاك في الصدر، كما في الحديث: الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ. رواه مسلم

وفي الحديث: استفت قلبك وان افتاك الناس وافتوك. ، وفيه ايضا : إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِي  فَافْعَلْ مَا شِئْتَ ". رواه البخاري

ومن هذا يتوضح لنا أن المسلم التقي يسأل عما لا يعلم حتى يتبين له حكمه، ويحتاط لدينه ويترك ما اشتبه عليه امره ولا يعمل الا ما تبين له حله ويترك الامور المشتبهة اذا امكنه تركها ، ونعلم ان دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة وانه يجوز دفع اكبر المفسدتين بالمفسدة الأقل اذا لم يمكن تفاديهما معا، وان يحرص المسلم على البعد عن المعاصي واستصلاح قلبه بالعمل الصالح لكي يدله قلبه على الخير وينهاه عن الشر.

وينبغي للمسلم ان يفقه واقع الزمان الذي نعيشه، فهو مختلف عن زمن التمكين وقت النبوة والخلافة الراشدة وبعدها.

وتلقي العلم يأتي بالتدريج ان شاء الله من كان ملازما للجماعة وحذرا من كل ما يبعد عن الدين، وحريصا على اوراد الذكر والقرآن مع الصدق مع الله دعاءه واخلاص النية له وحده واتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة وعلماء السلف واتباع امام الجماعة ، فليبشر ان شاء الله بالخير والنور والبركة والتوفيق والهداية باذن الله.

وما توفيقي الا بالله

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا