top of page
بحث

بيان كفر الخوارج عند السلف والرد على الشبهة فيه

بيان كفر الخوارج عند السلف والرد على الشبهة فيه  

بسم الله الرحمن الرحيم

الإمام مالك

المدونة

[فِي الْخَوَارِجِ]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَتْلَ الْخَوَارِجِ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِمْ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْإِبَاضِيَّةِ وَالْحَرُورِيَّةِ وَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ كُلِّهِمْ: أَرَى أَنْ يُسْتَتَابُوا فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْحَرُورِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَهُمْ: إنَّهُمْ يُقْتَلُونَ إذَا لَمْ يَتُوبُوا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، وَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّهُمْ إنْ خَرَجُوا عَلَى إمَامٍ عَدْلٍ يُرِيدُونَ قِتَالَهُ وَيَدْعُونَ إلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ دُعُوا إلَى الْجَمَاعَةِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ أَبَوْا قُوتِلُوا.#

إذا كان هذا حكم مالك رحمه الله في الخوارج فما الذي دعاه إلى قتلهم سوى الكفر، الم تعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة. رواه البخاري ومسلم

 

الإمام الطبري

التبصير في معالم الدين

وأما الذين نقموا على أهل المعاصي معاصيهم، وشهدوا على المسلمين –بمعصية أتوها، وخطيئةٍ فيما بينهم وبين ربهم تعالى ذكره ركبوها- بالكفر، واستحلوا دماءهم وأموالهم من الخوارج.

 والذين تبرءوا من بعض أنبياء الله ورسله؛ بزعمهم أنهم عصوا الله، فاستحقوا بذلك من الله –جل ثناؤه- العداوة. والذين جحدوا من الفرائض ما جاءت به الحجة من أهل النقل بنقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهراً مستفيضاً قاطعاً للعذر، كالذي أنكروا من وجوب صلاة الظهر والعصر، والذين جحدوا رجم الزاني المحصن الحر من أهل الإسلام، وأوجبوا على الحائض الصلاة في أيام حيضها، ونحو ذلك من الفرائض، فإنهم عندي بما دانوا به من ذلك مرقةٌ من الإسلام، خرجوا على إمام المسلمين أولم يخرجوا عليه. إذا دانوا بذلك بعد نقل الحجة لهم الجماعة التي لا يجوز في خبرها الخطأ، ولا السهو والكذب. وعلى إمام المسلمين استتابتهم مما أظهروا أنهم يدينون به بعد أن يظهروا الديانة به والدعاء إليه، فمن تاب منهم خلى سبيله، ومن لم يتب من ذلك منهم قتله على الردة؛ لأن من دان بذلك فهو لدين الله –الذي أمر به عباده بما لا نعذر بالجهل به ناشئاً نشأ في أرض الإسلام- جاحدٌ. ومن جحد من فرائض الله –عز وجل- شيئاً بعد قيام الحجة عليه به فهو من ملة الإسلام خارج.#

وهذه الخصال التي ذكرها الإمام الطبري معطوف بعضها على بعض تكفي واحدة منها للقول بكفرهم، فان اجتمع فيهم اكثر من واحدة فكفرهم يكون من اكثر من وجه.

فهذا ثاني عالم من كبار علماء وفقهاء السلف رحمة الله عليهم يحكم في الخوارج الذين يكفرون بالمعاصي بحكم الله فيهم أنهم كفار

وهناك من تستدل بالوهم والتقول على علي ابن ابي طالب رضي الله عنه ما لم يروه عنه الثقاة من نقلة الأخبار، من قبيل نسبتهم اليه قوله: اخواننا بغوا علينا، وقوله عنهم: من الكفر فروا. مع العلم ان هذا لو ثبت لا يكون حجة لهم لأنه الحجة إما كتاب الله أو سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو إجماع من جماعة المسلمين وعلماءهم.

وأما الذي يروى أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَ اللَّهِ وَلَا نَمْنَعُكُمْ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَ أَيْدِينَا وَلَا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ. فهذا محمول عندنا على حكمه فيهم بحكم المنافقين، إذا لم يظهروا أقوالهم ويعلنوها وينكروا القاطع للعذر من الحجة، اذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع المنافقين مساجد الله ولا يمنعهم الفيء ولا يبدؤهم بقتال.

والقول بكفر الخوارج هو قول الإمام مالك والإمام الطبري كما تقدم، وهو قول الإمام أبي عبيد رحمة الله عليه وهو القول الصحيح الذي دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وللعلماء رحمهم الله قول آخر غير أنه مردود من الأجوه السابقة والتي سيأتي بيانها.

قال تعالى : " فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله ورسوله ".

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخوارج :

إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ". وَأَظُنُّهُ قَالَ : " لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ ". رواه البخاري ومسلم

قال الإمام أبو عبيد رحمه الله في غريب الحديث :

فتأويل الحديث المرفوع: أن الخوارج يمرقون من الدين مروق ذلك السهم من الرمية.

يعني أنه دخل فيها، ثم خرج منها لم يعلق [به] منها شيء فكذلك دخول هؤلاء في الإسلام، ثم خروجهم منه، لم يتمسكوا منه بشيء.#

فهذا الحديث دليل على كفر الخوارج وردتهم وخروجهم من الإسلام دون ان يتمسكوا منه بشيء.

وكذا قوله صلى الله عليه وسلم عنهم : لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ. ولا اختلاف بين الجميع ان عاد وثمود مشركون أعداء الله، وأن السنة في قتال أهل البغي من المسلمين على غير السنة في قتال أهل الكفر من المشركين والمرتدين.   وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ؛ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". رواه البخاري ومسلم بمثله.

فقوله صلى الله عليه وسلم : فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ. يدل على أنهم مشركون لأن هذا حكم الله في المشركين والمرتدين.

وقد قال تعالى: فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وقال: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ۖ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا

وقال:وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ

فطابق حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوارج حكم المشركين في القرآن، بأن يقتلوا أينما وجدوا، وهذا بخلاف حكم قتال المسلمين البغاة فإنهم لا يذفف على جريحهم ولا يتبع مدبرهم، ويقول الله تعالى عنهم: قاتلوهم ولا يقول اقتلوهم كما قال عن المشركين.

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في الأم: وَالْبَاغِي خَارِجٌ مِنْ أَنْ يُقَالَ لَهُ حَلَالُ الدَّمِ مُطْلَقًا غَيْرُ مُسْتَثْنًى فِيهِ وَإِنَّمَا يُقَالُ إذَا بَغَى وَامْتَنَعَ أَوْ قَاتَلَ مَعَ أَهْلِ الِامْتِنَاعِ قُوتِلَ دَفْعًا عَنْ أَنْ يُقْتَلَ أَوْ مُنَازَعَةً لِيَرْجِعَ أَوْ يَدْفَعَ حَقًّا إنْ مَنَعَهُ فَإِنْ أَتَى لَا قِتَالَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا عَقْلَ فِيهِ وَلَا قَوَدَ فَإِنَّا أَبَحْنَا قِتَالَهُ، وَلَوْ وَلَّى عَنْ الْقِتَالِ أَوْ اعْتَزَلَ أَوْ جُرِحَ أَوْ أُسِرَ أَوْ كَانَ مَرِيضًا لَا قِتَالَ بِهِ لَمْ يُقْتَلْ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحَالَاتِ وَلَا يُقَالُ لِلْبَاغِي وَحَالُهُ هَكَذَا حَلَالُ الدَّمِ وَلَوْ حَلَّ دَمُهُ مَا حُقِنَ بِالتَّوْلِيَةِ وَالْإِسَارِ وَالْجُرْحِ وَعَزْلِهِ الْقِتَالَ، وَلَا يُحْقَنُ دَمُ الْكَافِرِ حَتَّى يُسْلِمَ وَحَالُهُ مَا وَصَفْت قَبْلَهُ مِنْ حَالِ مَنْ أَرَادَ دَمَ رَجُلٍ أَوْ مَالَهُ.#

ثم قال رحمه الله عقب هذا بأسطر :

فَقَالَ فَكَيْفَ يَجُوزُ قَتْلُهُمْ مُقْبِلِينَ وَلَا يَجُوزُ مُدْبِرِينَ؟ قُلْت بِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا أَذِنَ بِقِتَالِهِمْ إذَا كَانُوا بَاغِينَ. قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} وَإِنَّمَا يُقَاتَلُ مَنْ يُقَاتِلُ، فَأَمَّا مَنْ لَا يُقَاتِلُ فَإِنَّمَا يُقَالُ اُقْتُلُوهُ لَا فَقَاتِلُوهُ.#

وفي مختصر المزني أثابه الله ورحمه :

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْفَيْئَةُ الرُّجُوعُ عَنْ الْقِتَالِ بِالْهَزِيمَةِ أَوْ التَّرْكِ لِلْقِتَالِ أَيْ حَالَ تَرَكُوا فِيهَا الْقِتَالَ فَقَدْ فَاءُوا وَحَرُمَ قِتَالُهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُقَاتِلَ وَإِنَّمَا يُقَاتِلُ مَنْ يُقَاتِلُ فَإِذَا لَمْ يُقَاتِلْ حَرُمَ بِالْإِسْلَامِ أَنْ يُقَاتَلَ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ فَإِنَّمَا يُقَالُ: اُقْتُلُوهُ لَا قَاتِلُوهُ.

نَادَى مُنَادِي عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَوْمَ الْجَمَلِ أَلَا لَا يُتْبَعُ مُدَبَّرٌ وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ وَأَتَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَوْمَ صِفِّينَ بِأَسِيرٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ لَا أَقْتُلُك صَبْرًا إنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَخَلَّى سَبِيلَهُ وَالْحَرْبُ يَوْمَ صِفِّينَ قَائِمَةٌ وَمُعَاوِيَةُ يُقَاتِلُ جَادًّا فِي أَيَّامِهِ كُلِّهَا مُنْتَصِفًا أَوْ مُسْتَعْلِيًا فَبِهَذَا كُلِّهِ أَقُولُ.#

وبهذا يكون قد تبين من كذا وجه صحة القول بكفر الخوارج الموصوفة صفتهم في الحديث وفي فتوى أهل العلم والفقه من السلف رحمة الله عليهم، وإنما يكفي من تدبر كلام الله ورسوله إكفار رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم من الأوجة المبينة

والحمد لله رب العالمين،

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله الطيبين.

 
 
 

أحدث منشورات

عرض الكل
أنقذوا غزة

أنقذوا غزة بسم الله الرحمن الرحيم بلاغ حول مأساة غزة وتشخيص واقع الأمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الطيبين، ورضي...

 
 
 
حكم الله بين الإقرار والجحود

حكم الله بين الإقرار والجحود والخلل في الميزان الموجود الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، أما بعد،  عن ابن عباس رضي الله عنه في...

 
 
 

ความคิดเห็น


جماعة المسلمين وإمامهم

البريد الإلكتروني: Imamabounacer@gmail.com

الهاتف : 00212661707896

  • بيعة الإسلام لله
  • Donate for JM
  • Telegram
  • جماعة المسلمين وإمامهم
  • الصفحة الرسمية على فيسبوك
  • وتساب
bottom of page