top of page
بحث

بلعام بن باعوراء: قصة عالم ضل بعد هدى



بسم الله، والحمد لله، وصلى الله على رسول الله، وعلى آله الطيبين، ورضي الله عن صحبه أجمعين.


في كتاب الله آياتٌ تقصّ علينا أنباء من سبق، لا لمجرد الذكر والسرد، بل لنتفكر ونتعظ، كما قال تعالى: (فاقصص القصص لعلهم يتفكرون). ومن تلك القصص التي ضرب الله بها مثلًا عجيبًا: قصة رجل أوتي علمًا من آيات الله، لكنه أخلد إلى الأرض، وضل بعد هدى.


قال الله تعالى:

(واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه، فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) [الأعراف: 175-176].


من هو بلعام؟

نقل أهل العلم، كابن مسعود وابن عباس ومجاهد، أن الرجل المقصود في الآية هو بلعام بن باعوراء، وكان من بني إسرائيل، أوتي علمًا عظيمًا حتى عرف اسم الله الأعظم، وكان مستجاب الدعوة. وقيل: كان نبيًا. ومع هذا، كانت نهايته نهاية مخزية، فقد باع دينه بعرض من الدنيا، وآثر هوى قومه على أمر الله.


فتنته بالدنيا واتباعه للهوى

جاءه قومه وقالوا: إن موسى ومن معه نزلوا قريبا من أرضنا، وإنه سيخرجنا منها. فطلبوا منه أن يدعو على موسى، لكنه أبى في البداية، وقال: إنهم عباد الله، وفيهم نبيهم! ثم ألحّوا عليه وأغروه، فقبل الهدية، وخان الأمانة، فدعا على موسى. لكن الله صرف لسانه، فكان كلما دعا على موسى خرج من لسانه دعاء له، وإذا أراد الدعاء لقومه خرج العكس. فغضب قومه، فاحتال لهم، وأمرهم بإغراء بني إسرائيل بالزنا، فأرسلوا نساءهم إليهم، ووقع الزنا، وسلط الله عليهم الطاعون، فمات منهم سبعون ألفًا.


لماذا شبه بالكلب؟

قال الله: (ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه) أي مال إلى الدنيا، وأحب البقاء فيها، واتبع شهوته، فلم ينتفع بالعلم الذي أوتيه. ثم ضرب الله له مثلًا بليغًا:

(فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث)، أي سواء وعظته أو تركته، فهو في لهاث دائم، كحال هذا الذي انسلخ من آيات الله، لا ينتفع بالموعظة، ولا يتحرك قلبه لذكرى، فقد سلب التوفيق.


دروس وعبر

هذه القصة ليست مجرد حكاية رجل فسد، بل هي نصيحة وتحذير لكل من أوتي علمًا من الله ثم لم يعمل به، بل جعله سلعة للدنيا، أو وسيلة لنصرة الهوى والباطل.

فشر الناس وأعظمهم فتنة و أخطرهم على الدين هم العلماء الذين يعلمون الحق ثم يضلون عنه، ويفتون بغير هدى، ويجعلون العلم تبعًا للسلطان أو الشهوة أو الدنيا.

وليحذر العبد أن يكون ممن آتاه الله علمًا فلم ينتفع به، وبدل أن يكون من الهادين صار من الغاوين، وبدل أن يُرفع به صار مطروحًا في هوى الدنيا، يُضرب به المثل للغافلين والمكذبين.


اللهم اجعلنا ممن يتعلم فيعمل، ويُخلص لك في القول والعمل، ونجنا من فتنة العلماء السوء، ومن الضلال بعد الهدى، وثبتنا على صراطك المستقيم حتى نلقاك.


وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين ورضي الله عن صحبه أجمعين.


 
 
 

أحدث منشورات

عرض الكل
أنقذوا غزة

أنقذوا غزة بسم الله الرحمن الرحيم بلاغ حول مأساة غزة وتشخيص واقع الأمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الطيبين، ورضي...

 
 
 
حكم الله بين الإقرار والجحود

حكم الله بين الإقرار والجحود والخلل في الميزان الموجود الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، أما بعد،  عن ابن عباس رضي الله عنه في...

 
 
 

Comments


جماعة المسلمين وإمامهم

البريد الإلكتروني: Imamabounacer@gmail.com

الهاتف : 00212661707896

  • بيعة الإسلام لله
  • Donate for JM
  • Telegram
  • جماعة المسلمين وإمامهم
  • الصفحة الرسمية على فيسبوك
  • وتساب
bottom of page