top of page
بحث

العقول المبرمجة ضد الفطرة

بسم الله الرحمن الرحيم


رسالة في كشف زيف العقيدة الوطنية وبيان حقيقة الإسلام


الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وصلى الله على رسوله وعلى آله الطيبين ورضي الله عن صحبه أجمعين.


أما بعد،


كلما دعونا أحدًا إلى الإسلام الحق وجدنا أنفسنا أمام منظومة فكرية دخيلة، لا تمتّ إلى الدين بصلة، بل هي خليط من الشعارات الوطنية والمواقف السياسية التي جُعلت في مقام العقيدة، حتى صارت مقدّسة عند أصحابها كأنها وحيٌ منزل! فإذا بهم يواجهون الدعوة إلى توحيد الله بشعارات من قبيل: "الله، الوطن، الملك"، و"نحن مع الملكية"، و"عدونا هو الجزائر"، وكأن الإسلام لا يُعرف إلا من خلال هذه الانتماءات القومية والسياسية!


وهنا يتبيّن لنا أن هذه العقول قد بُرمجت على دينٍ جديد، ليس هو الإسلام الذي أنزله الله على محمد ﷺ، وإنما هو دين الوطنية التي تُفرّق بين الناس. الولاء والبراء على أساس الحدود التي رسمها المستعمر، لا على أساس الدين الذي أمر الله أن يكون هو الفاصل بين الناس، كما قال تعالى:


﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ (المائدة: 55).


لكن إذا نظرنا إلى حقيقة الواقع، نجد أن هذا التعصّب القومي لا يستند إلى أي قوة حقيقية، بل هو مجرد استعباد فكري يُغطي به الطغاة ضعفهم وتبعيتهم للغرب. فالحديث عن "قوة المغرب" أو "قوة الجزائر" في ميزان القوى العالمية مجرد وهم، لأن أسلحتهم وقدراتهم لا تساوي شيئًا أمام القوى العظمى التي تتحكم في العالم، فهذه الدول لا تملك حتى سيادتها الحقيقية، وإنما هي خاضعة لحماية الدول الكبرى التي تملي عليها سياساتها وقوانينها ومناهجها الدراسية وأنظمتها الاقتصادية، بحيث لا تستطيع أن تتحرك إلا وفق التعليمات الأجنبية.


وبالتالي، فإن الواقع يُثبت أن هذه الدول مستضعفة، ولا يمكنها أن تشكّل قوة مستقلة في هذا العالم القائم على منطق القوة، وهذا الوضع ليس إلا شكلاً من أشكال الاستعمار الحديث، حيث تُدار الدول بأيدي حكامها، ولكن وفق مخططات القوى الكبرى. وهذا ليس وضعًا طبيعيًا، وليس مما يمكن أن يُقبل شرعًا، لأن الإسلام يأبى التبعية والاستضعاف، ويدعو إلى إقامة كيان مستقل يُدافع عن دين الله ويُطبّق شرعه.


والحل البديل لهذا الاستضعاف هو إقامة الخلافة على منهاج النبوة، كما أقامها النبي ﷺ وأسس نواتها الأولى، بدون تفريق بين القوميات والجنسيات، وبدون تعصّب وطني أو عنصري.


فالخلافة ليست مجرد نظام حكم، بل هي كيان إسلامي شامل يجمع المسلمين تحت راية واحدة، ويحقق لهم القوة والمنعة، ويحررهم من التبعية للأعداء. والفرق الجوهري بين الدولة الوطنية التي تقوم على الحدود التي رسمها المستعمر، وبين دولة الخلافة، يكمن في عدة أمور:


• إلغاء الحدود القومية: فالمسلمون أمة واحدة لا تفرّقهم الجنسيات، بل يجمعهم دينهم، كما قال النبي ﷺ: «المسلم أخو المسلم» (رواه البخاري ومسلم).


• قيادة واحدة للأمة: فبدلاً من الشتات الذي تعيشه الأمة اليوم، تكون لها قيادة واحدة تمثلها وتدافع عنها.


• تحكيم الشريعة الإسلامية: حيث يُطبّق شرع الله في جميع مجالات الحياة، دون أن يكون هناك أي قانون وضعي يُناقض حكم الله.


• محاربة الشرك والكفر: إذ لا يمكن لدولة الإسلام أن تقوم إلا على أنقاض الشرك والوثنية التي تُناقض التوحيد.


• العدالة الاجتماعية والاقتصادية: فالشريعة الإسلامية تضمن حقوق الفقراء والمستضعفين، وتقيم العدل بين الناس، خلافًا للأنظمة الوضعية التي تُكرّس الظلم والفساد.


• الاستقلالية التامة في القرار: فالدولة الإسلامية لا تخضع لإملاءات الأعداء، بل يكون قرارها خالصًا لله، وفق الكتاب والسنة، لا وفق مصالح الدول الكبرى.


وختامًا، فإن الإسلام لا يعرف هذه الأوثان الوطنية التي يعبدها الناس اليوم، ولا يقبل أن تكون السيادة لغير شريعة الله. وعلى كل مسلم أن يُدرك أن ولاءه يجب أن يكون لله ورسوله والمؤمنين، لا للحدود التي رسمها المستعمر، ولا للشعارات التي ابتدعها الطغاة لتخدير الناس.


﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات: 10).


وصلى الله على رسول الله وعلى آله الطيبين ورضي الله عن صحبه أجمعين.



 
 
 

أحدث منشورات

عرض الكل
أنقذوا غزة

أنقذوا غزة بسم الله الرحمن الرحيم بلاغ حول مأساة غزة وتشخيص واقع الأمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الطيبين، ورضي...

 
 
 
حكم الله بين الإقرار والجحود

حكم الله بين الإقرار والجحود والخلل في الميزان الموجود الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، أما بعد،  عن ابن عباس رضي الله عنه في...

 
 
 

Kommentare


جماعة المسلمين وإمامهم

البريد الإلكتروني: Imamabounacer@gmail.com

الهاتف : 00212661707896

  • بيعة الإسلام لله
  • Donate for JM
  • Telegram
  • جماعة المسلمين وإمامهم
  • الصفحة الرسمية على فيسبوك
  • وتساب
bottom of page