top of page
بحث

الشهادة ثقيلة

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا، وصلى الله على رسوله محمد وعلى آله الطيبين، ورضي الله عن صحبه أجمعين.


أما بعد،


فإن من أعظم الابتلاءات التي ابتُليت بها هذه الأمة أن فرّق الناس بين كلمة التوحيد ولوازمها، فصاروا ينطقون بها بألسنتهم دون أن يتحملوا أعباءها، ويتخذونها شعارًا دون أن يلتزموا بمقتضياتها. فلا غرو أن تجد من يقول: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وهو في الوقت ذاته واقع في الشرك، موالٍ لأهل الشرك، متحلل من شرائع الإسلام، متشبث بقوانين الطواغيت، غارق في المعاصي، تارك للفرائض، مستحل لما حرّم الله، متبع لأهوائه وشهواته، معرض عن الكتاب والسنة، متخاذل عن نصرة جماعة المسلمين، متعلّق بالدنيا، زاهد في الآخرة، مؤمن بها إيمان الشك لا إيمان اليقين.


إن هؤلاء لم يجدوا ثقلًا في نطق هذه الشهادة لأنها عندهم مجرّد ألفاظ تقال، وليست عقدا واجبا وصفقة مبرمة ومنهج حياة يُلتزم به، ولكن حينما تُقرن الشهادة بتحقيق التوحيد الخالص، والكفر بالطاغوت، والبراءة من المشركين، والالتزام بحكم الله، ومبايعة جماعة المسلمين على الكتاب والسنة، وترك المعاصي، ومناصرة الحق، والجهاد في سبيل الله، عندها تصبح الشهادة ثقيلة على ألسنتهم، لأنهم يدركون أن هذه الالتزامات ستقيّدهم بقيود الحق، وتخرجهم من عبودية الهوى إلى عبودية الله وحده.


وشتان بين من يقتصر على قول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" دون عمل ولا التزام، وبين من ينطقها وهو ملتزم بمقتضياتها، قائم بحقوقها، محقق لمعناها، شاهد بأن أمة محمد أهل كتاب، وأنه لا يكون مسلمًا إلا ببيعته لجماعة المسلمين التي تحكم بالكتاب والسنة، وتلتزم بمنهج السلف الصالح، وتسعى لإقامة خلافة على منهاج النبوة.


فأهل التوحيد الصادقون هم الذين حملوا راية الإسلام، وجاهدوا في الله حق جهاده، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وتمسكوا بالفرائض، واجتنبوا الكبائر، ولم يتخذوا دين الوطنية دينًا، ولم يركنوا إلى قوانين البشر، ولم يوالوا الكافرين، ولم يبيعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل.


أما من يكتفي بالنطق بالشهادة دون التزام، فإنه يشبه من قال الله فيهم: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 8]، فإيمانهم مجرد دعوى، ونطقهم الشهادتين خالي من الفهم، وعبوديتهم للدنيا لا لله، فلا يرجون لقاءه، ولا يعملون للدار الآخرة، ولا يبيعون أنفسهم لله، بل يبيعون دينهم لشهواتهم، وأحكام ربهم لقوانين الطواغيت، وعقيدتهم لأهوائهم، وآخرتهم لدنيا زائلة لا تغني عنهم شيئًا.


نسأل الله أن يثبتنا على التوحيد، وأن يجعلنا من الذين يصدقون إيمانهم بالعمل، ويقيمون دينهم على الحق، ويجاهدون في سبيله، ويؤمنون به يقينًا لا شك فيه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


وصلى الله على رسول الله وعلى آله الطيبين، ورضي الله عن صحبه أجمعين.



 
 
 

أحدث منشورات

عرض الكل
أنقذوا غزة

أنقذوا غزة بسم الله الرحمن الرحيم بلاغ حول مأساة غزة وتشخيص واقع الأمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الطيبين، ورضي...

 
 
 
حكم الله بين الإقرار والجحود

حكم الله بين الإقرار والجحود والخلل في الميزان الموجود الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، أما بعد،  عن ابن عباس رضي الله عنه في...

 
 
 

Comments


جماعة المسلمين وإمامهم

البريد الإلكتروني: Imamabounacer@gmail.com

الهاتف : 00212661707896

  • بيعة الإسلام لله
  • Donate for JM
  • Telegram
  • جماعة المسلمين وإمامهم
  • الصفحة الرسمية على فيسبوك
  • وتساب
bottom of page