top of page
بحث

التعاون في الدعوة

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي شرفنا بحمل رسالة الإسلام، وأوجب علينا الدعوة إليه، وأمرنا بالإخلاص في القول والعمل، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطيبين، ورضي الله عن صحبه أجمعين.


أما بعد:


أيها الأحبة في الله، يا طلبة العلم والدعاة إلى الله، إن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ليست مجرد عمل نقوم به حين يُطلب منا، بل هي رسالة عظيمة وواجب دائم يلازمنا في كل وقت وحال. إنها حياة تجري في دمائنا وعبادة نبتغي بها وجه الله وحده، لا ننتظر عليها جزاءً من أحد ولا شكوراً.


قال الله تعالى:


"ادعُ إِلىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ" [النحل: 125].

وفي هذه الآية دعوة صريحة إلى القيام بهذا الواجب الجليل بحكمة وعلم وحِلم، ويجب أن يكون ذلك بلا رياء ولا انتظار لمقابل.


وأذكر نفسي وإياكم بأن العمل الدعوي لا يكتمل إلا إذا كان خالصاً لوجه الله سبحانه، بعيداً عن كل أشكال الرياء والسمعة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ. رواه مسلم.


وأيضاً، فإن العمل الذي يُبتغى به وجه الله يجب أن يكون خالياً من أي أذى أو منٍّ على الناس. فقد قال تعالى:


"يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تُبْطِلُوا۟ صَدَقَٰتِكُم بِٱلْمَنِّ وَٱلْأَذَىٰ كَٱلَّذِى يُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ" [البقرة: 264].


وفي هذا السياق، أدعو جميع طلبة العلم إلى أن يقدموا اقتراحاتهم، ويبذلوا جهودهم، ويترشحوا للقيام بالأعمال الدعوية الضرورية. إن هذه الأعمال من أعظم القربات التي نتقرب بها إلى الله، وهي مسؤولية جماعية تحتاج إلى تعاون الجميع.


كما أحثكم على مساندة إخوانكم من طلبة العلم في تسجيل المواعظ التي نقوم بنشرها على اليوتيوب، والحرص على المساهمة في غيره من المشاريع الدعوية. فإن الأمة لا تقوم إلا بتضافر الجهود وتكاتف الأيدي. قال النبي صلى الله عليه وسلم:


"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" [رواه البخاري ومسلم].


فليكن عملنا متوجهاً نحو هدف واحد، وهو مرضاة الله سبحانه وتعالى، ولنخلص النية ونتواصى بالصبر والتعاون على البر والتقوى، كما قال تعالى:


"وَتَعَاوَنُوا عَلَى ٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى ٱلْإِثْمِ وَٱلْعُدْوَٰنِ" [المائدة: 2].


نسأل الله أن يبارك في جهودكم، وأن يوفقنا جميعاً للقيام بهذه الأمانة والواجب العظيم بما يرضيه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


قال جل ثناؤه:


إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا


عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ) قال: عرضت على آدم، فقال: خذها بما فيها فإن أطعت غفرت لك وإن عصيت عذبتك، قال: قد قبلت، فما كان إلا قدر ما بين العصر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الخطيئة.


عن الضحاك في قوله (وَحَملَهَا الإنْسَانُ) قال آدم (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) قال: ظلومًا لنفسه جهولا فيما احتمل فيما بينه وبين ربه.


اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل، وأن تجعل كل ما نقوم به من الدعوة إليك خالصاً لوجهك الكريم، لا نبتغي به جزاءً ولا شكوراً إلا رضاك والجنة.


اللهم وفقنا للقيام بهذه الأمانة العظيمة التي حملناها، وأعنا على أداء حقها بما يرضيك عنا، وأعنا على الصبر والثبات على هذا الطريق، وألف بين قلوبنا، ووحد صفوفنا، وانصرنا على من عادانا.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله الطيبين، ورضي الله عن صحبه أجمعين.




 
 
 

أحدث منشورات

عرض الكل
أنقذوا غزة

أنقذوا غزة بسم الله الرحمن الرحيم بلاغ حول مأساة غزة وتشخيص واقع الأمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الطيبين، ورضي...

 
 
 
حكم الله بين الإقرار والجحود

حكم الله بين الإقرار والجحود والخلل في الميزان الموجود الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، أما بعد،  عن ابن عباس رضي الله عنه في...

 
 
 

Comments


جماعة المسلمين وإمامهم

البريد الإلكتروني: Imamabounacer@gmail.com

الهاتف : 00212661707896

  • بيعة الإسلام لله
  • Donate for JM
  • Telegram
  • جماعة المسلمين وإمامهم
  • الصفحة الرسمية على فيسبوك
  • وتساب
bottom of page