top of page
بحث

التصورات المسبقة الخاطئة

بسم الله الرحمن الرحيم


إلى جماعة المسلمين حفظهم الله


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


إن من الأمور التي يجب أن يتحرر منها المسلمون حفظهم الله تعالى هي الأفكار المسبقة حول شخصية الإمام، وأن يدركوا بأنه بشر مثلهم، ليس فوقهم ولا أدنى منهم، وإنما هو مسؤول أمام الله وأمام الجماعة عن إقامة الدين والحكم به، كما أمر الله تعالى.


لقد كان المشركون في زمن رسول الله ﷺ يحيطونه بالشبهات، فيقولون: لماذا لا يكون معه ملائكة؟ ولماذا لا يكون له قصور؟ أو يكون من أعظم رجال قريش؟ أو لا يأكل الطعام ولا يمشي في الأسواق؟ قال الله تعالى عنهم: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِى فِى ٱلْأَسْوَاقِ﴾ (الفرقان: 7). واليوم نجد أهل الكتاب قد ورثوا عن النصارى فكرة تقديس رجال الدين والحاكم، حتى صار يُنظر إليهم وكأنهم فوق البشر، لا يجوز لهم الخطأ، ولا يمكنهم التصرف كبقية الناس، وهذه المفاهيم الدخيلة هي من آثار الاستعمار الصليبي، الذي أدخل على المجتمعات المنتسبة للإسلام تصورات باطلة عن الإمامة والقيادة الدينية.


والذي نراه أن هذا الفكر قد تسلل إلى هاته الشعوب أنفسهم، فأصبح الأئمة معزولين عن الناس، لا يُسألون ولا يجتمعون معهم، وكأن دورهم محصور في إقامة الصلاة فقط! وكذلك المفتيون والمجالس العلمية، أصبحوا في عزلة عن المجتمع، لا يخالطونه، ولا يتحدثون عن قضاياه، وهذا مخالف لما يجب أن يكون عليه الإمام والخطباء والفقهاء، الذين ينبغي أن يكونوا في قلب الأمة، يتحدثون عن قضاياها، ويسيرون بها على هدي الكتاب والسنة.


ومن الأخطاء الشائعة أيضًا، أن بعض الناس يضعون ضغطًا على الدعاة، بأن الداعية يجب أن يكون بكل شيء عليمًا، وهذا خطأ جسيم، بل هو مما يؤدي إلى أن يتجرأ الجهال على الفتوى بغير علم، فيضلّون ويُضلّون، وقد قال السلف الصالح: "لا أدري، نصف العلم"، وقال الإمام مالك رحمه الله عندما سُئل عن أربعين مسألة، فأجاب عن أربع، وقال عن الباقي: "لا أدري"، لأن "لا أدري" هي طوق نجاة العالم والفقيه والمفتي، وليست عيبًا كما يظن الجهال.


ولهذا، فإننا كجماعة المسلمين، ينبغي أن نحرر أنفسنا من هذه المعايير الجاهلية، وأن نعيد الأمور إلى نصابها، فالإمام ليس فوق البشر، وليس معصومًا، وإنما هو عبد لله، مسؤول عن إقامة الدين، ويحتاج إلى التواصل مع جماعته، كما تحتاج الجماعة إلى التواصل معه، حتى لا تكون هناك حواجز بيننا، فلا يفرض علينا الآخرون صورة مشوهة للإمام تخدم مصالحهم، بدل الصورة التي جاءت بها الشريعة.


نسأل الله أن يرزقنا وإياكم البصيرة والهدى، وأن يجمع قلوبنا على الحق، وصلى الله على رسول الله وعلى آله الطيبين ورضي الله عن صحبه أجمعين.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 
 
 

أحدث منشورات

عرض الكل
أنقذوا غزة

أنقذوا غزة بسم الله الرحمن الرحيم بلاغ حول مأساة غزة وتشخيص واقع الأمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الطيبين، ورضي...

 
 
 
حكم الله بين الإقرار والجحود

حكم الله بين الإقرار والجحود والخلل في الميزان الموجود الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، أما بعد،  عن ابن عباس رضي الله عنه في...

 
 
 

Commenti


جماعة المسلمين وإمامهم

البريد الإلكتروني: Imamabounacer@gmail.com

الهاتف : 00212661707896

  • بيعة الإسلام لله
  • Donate for JM
  • Telegram
  • جماعة المسلمين وإمامهم
  • الصفحة الرسمية على فيسبوك
  • وتساب
bottom of page