top of page
ليلة العاصفة في بيت الفلاسفة: هدم الشك وبناء اليقين

 

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله،  

 

أما بعد عباد الله،

 

كيف نبني إيماننا ومسيرتنا على اليقين ؟ و كيف ننسف نظريات المشككين ؟

 

يتميز الإسلام بأنه الدين المرتضى عند الله ، و بأنه الحق المطلق الذي لا شك فيه، و من شكك في الدين بالقول أو العمل أو ارتاب قلبه فلا يكون مسلما و لا يكون مؤمنا. قال الله تعالى : " أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ".

 

وكم من الناس، يخطأون الحساب، عندما يتصورون بأن تدينهم المبني على أساس الإفتراض يمكن أن يكون صحيحا، فيقولون إن كان الإسلام حقا فزنا بالجنة، و إن لم يكن صحيحا ذهبنا في التراب و لا ندخل إلى النار، و لايدري هذا القائل أو المعتقد أنه باعتقاده هذا يخسر الدنيا و الآخرة، و أن الله لا يقبل الإيمان من الذي يشك في أصل الدين.

 

قال عز وجل : "وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا . وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا .  قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا "

 

فاحذر أيها المسلم أن يخدعك الشيطان، بتدين المتشكك، وأسس بنيان الدين عندك على أساس متين، فإن المسلم لا يكون مسلما حتى يكون موقنا بآيات الله ووعده، ولا أحد غيرك أيها المسلم يحصل عنده اليقين في ما يؤمن به وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ

 

و بعد أن نبين بطلان نظرية المشككين ، ننطلق في بناء الحق اليقين بالمرور على بعض الأمور الهامة التي تجعل المؤمن قوي الإيمان وصلب العقيدة وشديد الثبات، و ذلك من خلال هاته المراحل : 

١. نسف نظرية الشك وإثبات الحقيقة المطلقة

٢. إثباب أن الكون له خالق 

٣. إثبات أن الخالق هو الله

٤. إثبات أن قول الله و وعده حق

٥. وبيان أسباب الثبات و الابتعاد عن الشك

 

إخواني، لا بد من هاته الكلمات أن تترسخ في أذهانكم، و تجري على ألسنتكم، و يظهر أثرها في أعمالكم و جميع أحوالكم، و أن تكون زادا تحتجون به على من خالف طريق الحق، ممن توجهون إليهم دعوتكم.

 

إنكم تقرأون قول الله عز وجل " وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ " 

 

فهل علمتم آفة أكثر الناس ؟ إن آفتهم هي اتباع الظن !!!

بل إن اتباع الظن، صار أصلا من الأصول المقررة في مناهجهم الدراسية، و في نظم تدبير الدول و الحكومات و الأحزاب و السياسات ... 

 

ألا ترون بأن الديمقراطية التي تتبناها دول العالم، و تتغنى بها الحكومات و الأحزاب و الجماعات ، مبنية على أساس الظن ؟ فكيف ذلك ؟ 

 

الديمقراطية، يا إخواني، تقول بأن الشعب يحكم نفسه !! بما يختار من قوانين و تشريعات. فهل كل الشعوب سيختارون نفس القوانين، طبعا لا و هذا ما نشاهده ، فكل دولة لها دستورها و قوانينها. و السؤال الذي يطرح نفسه .. هل هاته القوانين كلها عادلة ؟ أم أن العدل واحد لا يتعدد ؟ فإن كان العدل واحدا، فأي هاته القوانين هو العدل ؟ و إن كان أحد هاته القوانين عادلة، أليس هذا يعني بأن القوانين الأخرى كلها ظالمة ؟؟؟؟ 

 

إذن ، ما هو العدل في مفهوم الديمقراطية ؟ هل له حقيقة ثابتة مستقرة ؟ أم أنه متروك لتقدير الغوغاء، و تصرف العملاء ؟؟؟ الحقيقة أيها الإخوة، أن الديمقراطية تتبنى النظرية الفلسفية القديمة وهي نظرية الشك في كل شيء، و أنه لا حقيقة مطلقة البتة ! بما في ذلك العدالة ! لذلك هي تترك المجال مفتوحا لاجتهادات البشر من أجل تطوير مفهوم العدالة حسب المقياس. 

 

فمن الجانب النظري، جعلت النواب البرلمانيين هم المخولين باختلاق و تبني القوانين و تعديلها بالنيابة عن الشعب، و من الجانب الفعلي، تجد بأن هاته البرلمانات ما هي إلا مسارح جدلية و أن القوانين المؤثرة حقا إنما تصاغ في أروقة الأمم المتحدة، بوصاية الحكومة العالمية الصهيونية، ثم تمرر أمام أعين الرؤساء والملوك، على أنها إصلاحات و توصيات وهم يعلمون أنها عين الفساد في الأرض وإهلاك الحرث و النسل.

 

وما هذه إلا لفتة سريعة إلى ما عليه واقع الحال، لتعلموا ينصركم الله و يسدد خطاكم، بأن كل فساد موجود في العالم إنما يكون بإتباع الظن. و لقد من الله علينا بتلكم الحقيقة الضامغة و الحجة البالغة التي تسقط بنيانهم وتبين هذيانهم. 

 

قال الله تعالى :

 بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ

 

قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ 

 

قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ۖ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ

 

إنتبهوا رحمكم الله، فهذا الأمر مما لا يجب أن يُغفل عنه طرفة عين ! لأنكم حين دعوتكم، ستجدون حتما من يلقي بهاته الشبهة التي أضلت كثيرا من الناس، الذين لم يكونوا محصنين بحصن العلم و العمل و الجماعة، نسأل الله تعالى أن يتوفانا مسلمين و يلحقنا بالصالحين. آمين. 

 

إنهم يقولون : كل شيء قابل للخطأ و الصواب، أو كل شيء قابل للشك، أو كل شيء نسبي و ليس هناك حقيقة مطلقة .. و هذه الأقوال كلها تحوم في نفس الفلك، و قد درستها أجيال بعد أجيال في دروس الفلسفة خلال الثانوية و أشربها القوم في قلوبهم ، و لا زالوا إلى اليوم يدرسونها.

 

فنسألهم : قولكم " ليس هناك حقيقة مطلقة " هل هو حقيقة مطلقة أو ليس حقيقة مطلقة ؟ فإن كان حقيقة مطلقة، فهذا يعني أن الحقيقة المطلقة موجودة، بما ينافي قولكم " ليس هناك حقيقة مطلقة " ، و إن قلتم ليس حقيقة مطلقة ، فلا حجة فيه و لا ينفي أن تكون هناك حقيقة مطلقة. فيعلم بهذا أن قولكم " ليس هناك حقيقة مطلقة " باطل من أصله، و يبطل نفسه بنفسه.

 

وبنفس الطريقة يرد على تلكم الشبهة البائسة في أي صيغة تمت صياغتها ، فإن قال كل شيء نسبي ، قلنا هل كلامك نسبي ؟ فإن كان نسبي فإنه يفسح المجال لأن يكون ليس كل شيء نسبي، و إن قال كلامي ليس نسبي ، فهذا خلاف قوله بأن كل شيء نسبي. 

 

و أيضا إن قال ان كل شيء قابل للشك أو للخطأ و الصواب، فنقول هل كلامك قابل للشك و للخطأ و الصواب ؟ فإن قال نعم ، فكلامه قابل للخطأ، و ما كان قابلا للخطأ لا يعتبر دليلا، فالدليل لا يقبل الشك أو الخطأ، و إن قال كلامي لا يحتمل الخطأ، فهذا ينقض ما قرره أولا بأن كل شيء قابل للخطأ و الصواب.

 

بهذا يتبين بطلان قولهم أن كل شيء قابل للخطأ و الصواب .. بالإضافة إلى أن العبارة نفسها لا تصح ، فإن كنت تقول بأن كل شيء قابل للخطأ و الصواب ، فقد أثبت ان هناك خطأ و صوابا ، يعني أن الخطأ موجود ، و الصواب موجود !!؟ فهل المقصود بالخطأ و الصواب في هذه العبارة خطأ حقيقي و صواب حقيقي أم المقصود خطأ يحتمل الصواب، و صواب يحتمل الخطأ ؟ و الخطأ و الصواب المحتملان هل هما خطأ و صواب نسبيان أم مطلقان ؟ و إن كان الخطأ و الصواب المحتملان نسبيان فهذا يجرنا للقول بأن كل شيء يحتمل الخطأ الذي يحتمل الصواب الذي يحتمل الخطأ الذي يحتمل الصواب الذي يحتمل الخطأ ... و يحتمل الصواب الذي يحتمل الخطأ الذي يحتمل الصواب الذي يحتمل الخطأ الذي يحتمل الصواب ... إلى ما لا نهاية، فالعبارة باطلة من الأصل، لأن ما يحتمل الخطأ و الصواب لا يسمى خطأ و لا صوابا ، أليس كذلك ؟ فإن قلت انه يحتمل الخطأ فقد أقررت أن هناك ما هو خطأ وليس صواب و ان قلت يحتمل الصواب فقد اقررت ان هناك ما هو صواب وليس خطأ ، و هذا فيه إقرار بوجود الخطأ و الصواب. وبهذا يتبين بطلان هاته النظرية الكفرية المشؤومة من أساسها. 

 

أرجو أن تكون اتضحت عندكم هاته القاعدة ، لنقرر بعد هذا أنه عكس ما يزعمون، فإن الحقيقة المطلقة موجودة و هي مبنية على الأدلة الراسخة التي لا يتطرق إليها الشك ولا الخطأ ولا النسبية.

 

...

 

إن الناظر لهذا الكون الحسن الخلقة، ليعلم علم اليقين أن له خالقا عليما حكيما سميعا بصيرا مصورا جميلا قديرا قويا كبيرا حيا قيوما رحيما، وذلك متجل في خلقه. أليس إبداع الرسام يتجلى في رسمه، و عبقرية المهندس تتجلى في مشاريعه وتصميماته، وكفائة المصنع تعرف بمصنوعاته ؟ وهل من الضرورة أن ترى صانع سيارة المرسيدس أو مصمم طائرة بوينغ، لتعلم أن لها صانع ؟ وهل يعقل أن يقول أحدهم أنا لم أر صانع الطائرة إذن الطائرة صنعت لوحدها ؟؟ فاعلم أن خلق السماوات و الأرض وما فيها من آدميين و أشجار و أنهار وحيوانات وطيور أعظم بمليون مرة من صنع الطائرة، التي هي نفسها من خلق الخالق بأيدي مخلوقاته. فمن هو هذا الخالق العظيم، و بم يعرفه الناس، ويعرفون أنه صادق في كلامه ووعده ؟ 

 

إن الله هو خالق الكون بكواكبه و نجومه و مجراته و خالق الأرض بأشجارها و جبالها و بحارها و خالق الإنسان بسمعه و بصره وعقله وبدنه، و قد أرسل الرسل ليهدوا الناس إلى صراطه المستقيم و أرسل معهم البينات، ونزل على خاتم الأنبياء والمرسلين القرآن الكريم ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور. 

 

وقد أخبرنا سبحانه بأن الجن و الإنس لو اجتمعوا على أن ياتوا بمثل القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، وجعل القرآن معجزة على مر العصور، لا تترك مجالا للشك أو الريب في صدق الرسالة المحمدية، إذ قال سبحانه " وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ". وها نحن في عهد التكنلوجيا والأبحاث المجهرية و ريادة الفضاء و علم الذرة، والأقمار الصناعية وغيرها من الإكتشافات التي من الله بها على البشرية، فحق لنا أن نسألهم، ما بكم تنفقون القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة لتصدوا عن الإسلام ، في حربكم العمياء على كل من رفع لافتة لا إله إلا الله ، بينما عجز أطباءكم و خبراءكم و الفلكيون و المهندسون، وهم معدون بأحدث الحواسيب والبرمجيات، على أن ياتوا بكتاب، مماثل للذي يزعمون أنه من صنع رجل أمي ، ليس معه حاسوب و لا غوغل ولا قضى السنين الطوال على كراسي الجامعات يدرس الطب و الهندسة و الفلك و الفيزياء، ما درسها هو و لا أصحابه الذين جاهدوا في سبيل دعوته و بذلوا لها الغالي و النفيس.

 

ما هو الأيسر ؟ صنع الطائرات المسيرة عن بعد و الصواريخ المتناهية الدقة و البارجات و الغواصات و تحريك الجيوش على الأرض وتزويدهم بالعدة و المؤونة والتضحية بالخبراء العسكريين و الآليات و الوقت و الجهد ، أم الأيسر هو صنع كتاب واحد يتحدى إعجاز القرآن، و يبرهن أصحابه لجماعة المسلمين و للعالم أن القرآن ليس معجزة و أن البشر بإمكانهم صنع كتاب، و لما لا عدة كتب مماثلة للكتاب الذي يؤمن به المسلمون و يتبعونه و يفتدونه بأموالهم و أنفسهم. قال الله سبحانه " فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ".

 

ولن تفعلوا !!! ياله من وعد صادق و قول حق و خبر يقين لا ريب فيه و لا شك و لا تبديل ، لا مبدل لكلمات الله ، كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز.

 

وبعد بيان عجز المخلوقين عن أن ياتوا بمثل القرآن الذي لا يمكن أن يأتي إلا من عند الخالق، فتعالوا ننظر الآن هل كل ما أخبر به الخالق صحيح و هل هناك احتمال أن يكون كلامه هزلا وليس فصلا.

 

حق على من عرف القاعدة الأولى، وهي أن القرآن لا يمكن أن يكون من صنع البشر، بل هو تنزيل من عند الخالق سبحانه، أن يستقر في قلبه التصديق بأن قول الله عز وجل " و لن تفعلوا " فصل وليس بالهزل، فهذا ما أثبتته التجربة و الواقع، بالإضافة إلى ما أثبتته الإكتشافات الحديثة من صدق القرآن في كل ما جاء به من الحقائق العلمية ، و على سبيل المثال لا الحصر، تلك المتعلقة بخلق الجنين، وضيق الصدر للصاعد في السماء، والبرزخ الفاصل بين البحرين، وتحطم النملة، وبناء أنثى العنكبوت للبيت، وتكوير الليل على النهار و النهار على الليل، ومرور الجبال مر السحاب، وإمكانية التواصل عن بعد. فهذه الحقائق وغيرها تثبت بلا شك مصداقية القرآن، و أن ما قاله الله تعالى فهو الحق الذي لا ريب فيه.

 

ولكن، هل تحقيق التصديق بما جاء من عند الله و استمراره يتم بمجرد معرفة الحقائق معرفة نظرية، أو يحتاج إلى العمل بما أمر الله به ؟ إن مع عرف طبيعة هذا الدين، ليجزم بأن التصديق لما جاء من عند الله إنما يكون باعتقاد القلب و قول اللسان و عمل الأركان. و ذلك أن إعتقاد القلب يصح بالتوحيد و يزيد بالطاعة كما قال الله تعالى " وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا " وفي الحديث " قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " وينتفي الإيمان من القلب بالكفر والشرك و ينتقص بالمعاصي، قال تعالى " لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ " وقال رسوله " إن العبد إذا أذنب نكث في قلبه نكثة سوداء".

 

ونعطي بعض الأمثلة اليسيرة على جريان هاته القاعدة الشرعية و السنة الماضية، بحيث أن من عمل الصالحات يزداد تصديقا ، و أن من ترك العمل فإنما يورثه ذلك الشك و الريبة. 

 

قال الله تعالى " بلغ ما انزل اليك من ربك و ان لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس " هنا نجد الأمر بالتبليغ، و الوعد بالعصمة من الناس، فمن هو الأكثر إيمانا و تصديقا ؟ الذي يبلغ ما أنزل الله كما أمر الله، ثم يتحقق له وعد الله بالعصمة من الناس، أم الذي لا يبلغ و لايحصل على الوعد ؟ 

 

فهذا ينطبق على وعود الله جميعا، قال تعالى " و إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم " وقد ظفر المسلمون بالكفار في غزوة بدر مع قلتهم و عدم استعدادهم و كثرة عدوهم ، و قال سبحانه " لتدخلن المسجد الحرام آمنين " فدخلوه ، و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "  إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " و قد أنفقت. 

 

فمن هم الأكمل إيمانا و تصديقا ؟ الذين قاتلو في بدر فأظفرهم الله بذات الشوكة من الطائفتين، و علموا صدق وعده سبحانه، أم الذين قالوا لموسى في مثل هذا الموقف : اذهب انت و ربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ؟؟ هل الأشد تصديقا هم الذي جاهدوا مع رسول الله حتى دخلوا المسجد الحرام آمنين كما وعدهم الله، أم الذين تخلفوا عنه و رغبوا بأنفسهم عن نفسه ؟؟ هل هم الذين فتحوا كسرى و قيصر كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم الذين ارتدوا على أدبارهم بعد وفاته وماتوا وهم كافرون !!؟؟؟

 

إخواني الأعزاء، 

لا يعرف حقيقة الإيمان بالله إلا من عرف هاته القاعدة الشرعية حق المعرفة، فإن الدين كله يشتمل على قاعدة الأمر و الوعد، ففي الحديث (من قال لا إله إلا الله صدقاً من قلبه دخل الجنة) ، و فيه (حق العبيد على الله أن لا يعذب من لا يشرك بالله شيئا) و (من أرضى الله و أسخط الناس رضي الله عنه و أرضى عنه الناس و من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه و أسخط عليه الناس) و (من ترك شيئا لله أبدله الله خيرا منه) و في القرآن الكريم ( من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) (إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ) (اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما)(إن تنصروا الله ينصركم) (ولينصرن الله من ينصره) (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) فالله تعالى أمرنا بأوامر، و رتب على فعلها وعودا فمن فعل المأمور به، حصل له الموعود، و ازداد إيمانا إلى إيمانه و يقينا بآيات الله، وتصديقا بوعود الدنيا و الآخرة. و من تركها حصل عنده الريب و التردد فهم في ريبهم يترددون وفي الحديث (الإثم ما حاك في الصدر) أي تحرك فيه وتردد ولم ينشرح له الصدر، وحصل في القلب منه الشك، وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا.

 

إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما 

 

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد 

 

اللهم إنا نسألك اليقين والمعافاة، ونعوذ بك من الزيغ والضلال

 

رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ 

 

جماعة المسلمين وإمامهم

البريد الإلكتروني: Imamabounacer@gmail.com

الهاتف : 00212661707896

  • بيعة الإسلام لله
  • Donate for JM
  • Telegram
  • جماعة المسلمين وإمامهم
  • الصفحة الرسمية على فيسبوك
  • وتساب
bottom of page