الإمام وغربة الإسلام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
وبعد،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) ، وقال ( َإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ ؟! قَالَ بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ )، أي من الصحابة .
فيا من تريد أجر خمسين رجل من الصحابة، اسلك طريق الحق ولا تهتم لقلة السالكين، و اجتنب طريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين. جاء في الأثر عن علي رضي الله عنه: لا تعرف الحق بالرجال اعرف الحق تعرف أهله، وقيل : من عرف الحق بالرجال حار في متاهات الضلال.
والصحابة رضوان الله عليهم ، هم الأفضل هديا والأكثر عملا ، وهم من سنوا الأعمال الصالحة ، فيكتب لهم أجر العاملين من بعدهم. وفي الحديث المذكور حجة ، على من زعم أن أعمال الصحابة ليست لهذا الزمان، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن من عملها فهو على حق وله عظيم الأجر.
ثم إن الكثرة لم تكن يوما دليلا ، على صحة الدين ، أو بطلانه، والأدلة في هذا الباب متوافرة ، ولله الحمد. قال الله تعالى " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " و قال "وإن تطع أكثرمن في الأرض يضلوك عن سبيل الله ".
كم كان عدد أصحاب الكهف ؟ الذين آمنوا بالله ، واعتزلوا قومهم ، وآووا إلى الكهف ؟ لا يجاوزون العشرة !! كانوا سبعة وثامنهم كلبهم !! ما يعلمهم إلا قليل ، وأنتم الآن من القليل.
والشاهد من سيرة الرسل عليهم أفضل الصلاة والتسليم، فقد أخبر الله تعالى عن نوح عليه السلام فقال " وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ". عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانوا ثمانين نفسا معهم نساؤهم.
وأما إبراهيم الخليل سلام الله عليه، فقد أقام الحجة ، كما أقامها الرسل من قبله، وكسر الأصنام بيده، وأنجاه الله من النار ، على مرآى ومسمع من قومه !!! ومع هذا كله، ما آمنوا !! إلا ابنة عمه سارة التي تزوجها، و ابن أخيه نبي الله لوط.
وقد أخبر الله تعالى عن قرية لوط عليه السلام التي أصابها العذاب فقال " فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِين . فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ " نقل أبو جعفر الطبري بأن لوط وابنتاه هم وحدهم الذين خرجوا من القرية, وحلّ بالآخرين العقاب.
وهكذا حال الرسل مع أقوامهم، قال الله عز وجل : " فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ " وقال " فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ " قال أبو جعفر : أي لم يكن من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا يسيرًا، وهم اتباع الأنبياء والرسل فإنهم كانوا ينهون عن الفساد في الأرض، فنجاهم الله من عذابه حين أخذ عذابُه من كان مقيمًا على الكفر بالله .
وعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ ، قَالَ : فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ مَعَهُ الرَّهْطُ ، وَالنَّبِيَّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ. فقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي ليس معه أحد أمة، والنبي معه الرجل أمة و النبي معه الرجلان أمة. مما يدل على أن الكثرة ، ليست دليلا على صحة الدين أو بطلانه، وأن الإمامة والجماعة ، لا تسقط عن المكلف ولو كان وحده، كما قال الله تعالى " إن إبراهيم كان أمة " وفي الحديث المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال " الجماعة ما وافق الحق و لو كنت وحدك ".
إن من فضل الله علينا ، أن أرسل إلينا رسولا يعلمنا الكتاب والحكمة ، ويعلمنا ما لم نكن نعلم ، ثم وفقنا إلى دعوة الناس و هدايتهم إلى صراط مستقيم. و الله سبحانه يقول وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين، ويقول لا يضركم من ضل إن اهتديتم، ويقول إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ، فواجبنا الدعوة إلى الله على بصيرة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعسى من فعل ذلك أن يكون من المقبولين عند الله.
وقد قال الله سبحانه عن القرآن الكريم " يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ " فبين أن القرآن لا يهدي المؤمنين فحسب، بل ويضل الفاسقين أيضا. والمسلم المتخلق بالقرآن له نصيبه من هذه القاعدة الشرعية، فإن بعض المدعويين قد يستجيبون للحق ، " وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۖ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ".
وقد أضل الله أقواما عن هاته الدعوة المباركة، فتعددت حججهم الواهية ، و أساليبهم الماكرة ، من أجل الصد عن سبيل الله ، ويبغونها عوجا. فتارة يقولون نحن عندنا إمام ، ويقصدون حكام العرب !!! وتارة يقولون إمامي هو رسول الله !! وتارة يقولون لما لا أكون أنا هو الإمام وليس أنت !! فيا لغرابة الإسلام حين تندرس معلمة كبرى من معالم الدين، وتزل فيها تصورات من يزعمون أنهم مسلمون.
فنقول مستعينين بالله، إن الإمام إمامان ! إمام إسلام وإمام كفر .. قال الله تعالى عن أئمة المسلمين " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون " وقال عن فرعون وقومه "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ " أي أنهم يأتمّ بهم أهل الكفر ، ويدعون الناس إلى عمل أهل النار. وقال الله عز وجل " يوم ندعو كل أناس بإمامهم " فمن كان إمامه مسلما ، أدخله الله معه الجنة، ومن كان إمامه فرعون وهامان ، وأشباههم في هذا الزمان، حشرهم الله معهم يوم القيامة.
فكيف يسمي أهل الكتاب من لا يحكم بالشريعة إماما !؟ وهل هذا إلا تعبيرهم الصريح ، بالرضى عن الحاكم ، الذي لا يطبق الشريعة ؟ ألم يقل الله عز وجل " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " ؟ الحاكم الذي يعتبر إماما للمسلمين، هو الذي يقر بأحكام الله ، ويدعو إليها، ويعلن براءته مما خالفها ! فهل يستطيع رئيس من الرؤساء ، أو ملك من الملوك ، أن يعلن براءته من الدستور !؟ هل سبق لكم أن سمعتم أحد الرؤساء أو الملوك ، أو وزيرا أو حزبا ، أو عضوا في الحكومة ، يدعو إلى تحكيم الشريعة، و إقامة الخلافة، و يكفر الملحدين المجاهرين بسب الدين ويعاديهم !؟؟ أليس التكفير الذي هو أصل الدين، وركن التوحيد، صار عند هؤلاء جريمة شنعاء !!
إن عقيدة الإمام المسلم ، يجب أن تكون معلنة وصريحة منذ أول يوم ! فهو المكلف بحفظ الدين و تبليغه، والدعوة إليه، و إلزام الناس بالفرائض، وإقامة الحدود ! فكيف يتحقق هذا كله ، إن كان الإمام لا يستطيع الجهر باعتقاده !!؟ وواقع الحكام اليوم ، هو الرضى بالدساتير الكفرية ، وإلزام الناس بها ، و الدعوة إليها !!
أما قولهم، إن الحاكم لا يستطيع تطبيق الشريعة لأنه مضغوط عليه !! فليتهم يفرقون ، بين الإلتزام بتطبيق الشريعة ، وإعلان ذلك ، والدعوة إليه ، والسعي لإقامة الدين بالتدرج ... وبين من رضي بالدستور و جرم الأحكام الشرعية، وأقر الديمقراطية ، والوطنية ، بدل الإسلام !! فمتى يتعلم الرعية التوحيد ، و هم للحاكم خاضعون متبعون !؟؟
وأما قولهم لا نستطيع عمل شيء !! فمن الذي يمنعك من دخول الإسلام ، واتباع جماعة المسلمين !!؟ ولماذا تتوهم أنك ، إما أن تكون عبدا مطيعا لحاكمك ، أو تحمل السيف في وجهه ؟ وكيف تحتج بالإستضعاف ؟ وأنت تقر دينا غير دين الإسلام !! وتتخذ الحاكم إماما لك !! فمن الذي يكرهك على ذلك !؟ قال الله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " وقال " إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ".
وأما قولهم إمامنا رسول الله ، فقد كذبوا ورب الكعبة ! لو كان إمامكم رسول الله لتأسيتم بما كان عليه هو وأصحابه من الجماعة، وقد بايع المسلمون أبا بكر قبل أن يضعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره، فمن هم المسلمون الحقيقيون ؟ الصحابة الذين بايعوا إمام الجماعة ؟ أم أنتم؟ لو كان الأمر كما تزعمون، لقال المسلمون يومئذ لا حاجة لنا بإمام، فرسول الله إمامنا !؟فكيف تزعمون،وأنتم بلا إمام ؟ أن محمدا صلى الله عليه وسلم إمامكم ! وقد وصى باتباع الخلفاء الراشدين من بعده، والعض على سنتهم بالنواجذ، و أوصى بلزوم جماعة المسلمين و إمامهم !! قال حذيفة ( فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة) قال (تعتزل تلك الفرق كلها) !! بمعنى أن الإمام قد يكون، وقد لا يكون، فيجب اعتزال هاته الفرق. فكيف لا يكون الإمام إن كان المقصود به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم !؟
...
أيها الناس،
لقد دل كتاب الله ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على كفر الفرق الضالة ، و الشعوب المنتسبة للإسلام ، ومن لم يجد جماعة المسلمين و إمامهم ، وتوفرت فيه شروط الإمامة كان لزاما عليه القيام بهذا الواجب ، والدعوة إلى الجماعة ، وإلى الإسلام الصحيح ، فإن الإمامة فريضة ، على كل المسلمين ، وإذ لم يقم بها الناس ، تعين علينا إحيائها والقيام بواجباتها.
والحاصل أني لم أختر أن أكون الإمام ، ولكن الله هو الذي جعلني إماما للمسلمين ، بهدايته إياي إلى الحق، وتوفيقي إلى دعوة الناس إليه. " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ".
وأما الذين يسألونني متعجبين ، من الذي نصبك لتكون الإمام !!؟ هل يجوز لهم أن يسألوا نفس السؤال ، لو كان هناك مجموعة من الناس يريدون الصلاة، فقدموا واحدا منهم ليصلي بهم !؟ وهل سمعتم ولو مرة واحدة في عمركم ، من يأمر الناس أن يصلوا فرادى ، إذا تغيب الإمام ؟
فكما أن الإمامة في الصلاة فرض كفاية، إذا قام بها أحد المصلين سقطت عن الباقين، فالإمامة في التوحيد و الإسلام من باب أولى. فإن وجد من يقوم بها وجب اتباعه وإن لم يوجد ، تعينت على القرشيين لأن الأئمة من قريش.
هذا، فضلا عن تصورهم الخاطئ عن شخص الإمام، فهم لا يعتبرون صحة اعتقاده ومنهجه، وقيامه بواجب الدعوة إلى التوحيد ، وتحذيره من الشرك وأهله ، بقدر ما يتوقعون أن له عرشا وتاجا و ثيابا من الديباج وحريما وجنانا .. وغيرها من مظاهر البهرجة والزينة ، وقد تمسك المشركون من قبلهم بمثل هذا الكلام ... " وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ۙ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا . أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ۚ وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا " فرد عليهم الله عز وجل وقال " تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا " ثم قال " وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ".
فهذا وأشباهه من الأقوال ، أمبعثه الجهل أم العناد " أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ " " بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة " لقد حسد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من الإمامة و شككوا في رسالته " وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ".
و كذبت ثموذ نبي الله صالح " فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ " وكذب فرعون وقومه موسى " قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ " قال الله تعالى " وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا " وقال " وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ ".
يا أيها الناس ،
كما أن الإمامة شرف وتكريم من رب العالمين ، فإنها تكليف ومسؤولية ، ولا يسع من كلفه الله بها ، أن يرفضها أو يتهاون فيها ، قال تعالى " خذوا ما آتيناكم بقوة " .
ولأن تكاليف الإمارة كبيرة ، ومسؤولياتها جسيمة، فقد منع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحرص عليها. فمن سأل الإمارة حتما لم يقدرها حق قدرها. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة )، وعن عبد الرحمن بن سمرة قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ( يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها ).
وفي الأخير، اعلموا أن هدفنا في الدنيا ليس هو الحكم ولا الإمارة ، ولكن هدفنا الوحيد هو مرضاة الله ، ودخول الجنة ، والنجاة من النار. ولو أوجب علينا الله سبحانه طاعة نملة ، لوجب علينا طاعتها ، ومن عصاها كبه الله على وجهه في النار. قال عز وجل " تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ".
و الحمد لله رب العالمين، إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.